مصري بوست
الجمعة 11 أكتوبر 2024 08:53 صـ 7 ربيع آخر 1446 هـ

مدبولي يكشف تفاصيل خطة مصر للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية

عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بمقر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، مؤتمرا صحفيا عالميا لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، تنفيذاً لتكليفات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية. حضر المؤتمر كل من الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسيد/ السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والسيدة/ نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، والسيد/ أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، والمستشار محمد عبد الوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

كما حضر المؤتمر السيد/ كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والسيد/ حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والمهندس/ عبدالصادق الشوربجي، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، ، والدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات.

واستهل رئيس الوزراء المؤتمر الصحفي، بتوجيه التحية والشكر للصحفيين والإعلاميين من الصحف ووكالات الأنباء المحلية والأجنبية على تلبية الدعوة لحضور هذا المؤتمر المهم جدا، الذي يأتي في توقيت دقيق للغاية، لتوضيح خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية الكبيرة التي يواجهها العالم أجمع الآن، وبالطبع فمصر ليست بمعزل عن العالم، مشيرا إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في إطار تنفيذ توجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في حفل إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان، بعقد هذا المؤتمر من أجل إعلان خطة واضحة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والإجراءات التي نتخذها حاليا، والخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها خلال الفترة المقبلة، أخذا في الاعتبار المؤشرات الحالية، وكذلك ما ذهب إليه أحد السيناريوهات من أن الأزمة من الممكن أن يطول أمدها، بفترة أطول مما كان متوقعا.

وعرض الدكتور مصطفى مدبولي، خلال المؤتمر، عددا من المحاور تضمنت الوضع الاقتصادي الحالي على مستوى العالم، مشيرا في هذا الإطار إلى النقاشات التي تدور في بعض الأحيان والتي تعتبر أن الأوضاع الحالية في مصر هي بمثابة أزمة محلية، وليست نتاج مشكلة عالمية، وهو أمر ليس صحيحا، كما تضمنت المحاور تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصري، وكذلك الإجراءات التي تتخذها الدولة حاليا للتعامل معها والخطوات التي ستتخذها خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن هذه المحاور تعد نقاط شديدة الأهمية وكان لابد من إعلانها؛ لكي يعي العالم والمواطنون المصريون كيفية تحرك الدولة المصرية حيال تلك الأزمة.

وقال رئيس الوزراء إن هذه المحاور تشمل خطوات الدولة لتعزيز نشاط القطاع الخاص والعمل على زيادة توطين الصناعات المصرية، وكذا الإعلان عن خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة، وإجراءات تنشيط البورصة المصرية، وكيفية المضي قدما في إجراءات الحماية الاجتماعية، وتوفير السلع الأساسية للمواطنين.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي للرد على تساؤل بشأن ما يحدث في العالم الآن ، لابد أن ندرك أننا نتحدث عن أسوأ أزمة يمر بها العالم بأسره منذ عشرينيات القرن الماضي، أي منذ ما يقرب من 100 عام، وكل العالم يصفها بذلك، مشيرا إلى أن البعض ذهب إلى القول بأنها لم تحدث منذ الجفاف الذي أصاب العالم، والبعض الآخر يرى أنها لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وهي فترة ليست بالقصيرة، ولم يشهد العالم مثيلها منذ ذلك الوقت، وقدرت خسائر الأزمة الراهنة على مستوى العالم كله بما يقرب من 12 تريليون دولار في الناتج الإجمالي العالمي.

وفي ضوء توضيح الصورة حول الأزمة العالمية، أشار رئيس الوزراء إلى أن جميع المؤشرات بدأت تخفض توقعات النمو الاقتصادي على مستوى العالم، بعد أن سرى التفاؤل بين الأوساط الاقتصادية بعد انتهاء أزمة كورونا، وبدأت التوقعات بتخفيض معدلات النمو مرة ثانية، حيث أصبح المعدل المتوقع 3.6% للنمو العالمي، بعد أن كان 4.4%، بل إن هناك مؤسسات مالية ترى أن نسبة 3.6% ربما يكون صورة براقة للوضع الاقتصادي في ظل الأزمة الراهنة وقد يتراجع المعدل عنه أيضا خلال الفترة المقبلة.

ولكي يزيد الأمر توضيحا، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الخسائر التي قدرت بنحو 12 تريليون دولار تمثل 5 أضعاف الناتج المحلي لقارة أفريقيا بأسرها للعام الماضي، كما أن تلك الخسائر تعادل الناتج المحلي الإجمالي لأكبر أربع دول في قارة أوروبا، وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا، كما تساوي هذه الخسائر الناتج المحلي الإجمالي لـ 6 دول من النمو الآسيوية والمتقدمة في قارة آسيا، مضيفا أنه يمكن القول بأن هذه الأزمة لم يشهدها من يعيشون على كوكب الأرض حاليا، وأصبحت الآن الاستثمارات الأجنبية بالسالب وليس مجرد تباطؤ، وكان لكل ذلك تأثير مباشر على حركة التجارة وتبادل السلع؛ حيث ذكرت منظمة التجارة العالمية أن العالم كله سيشعر بكُلفة انخفاض التجارة العالمية والإنتاج بسبب هذه الأزمة والصراع، وأن ذلك سيظهر في تضاعف أسعار الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى توقف انتقال السلع، بل إنهم حددوا خسائر تراجع حجم التجارة العالمية فقط نتيجة الأزمة بنحو 300 مليار دولار.

وأضاف رئيس الوزراء أن حجم الدين العام على مستوى العالم شهد تفاقما واضحا بسبب الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن النقاشات التي دارت في مصر حول الأزمة تناولت أيضا هذا الأمر وتساءلت عن حجم زيادة الدين العام المصري، وهو ما يدعوني إلى توضيح أن الدين العام على مستوى العالم زاد بنسبة 351%، حتى وصل حجم المديونية على الحكومات على مستوى العالم إلى 303 تريليونات دولار، كما أصبحت دول في حالة مديونية حرجة بالفعل، مشيرا إلى التقارير التي ذكرت أن 60% من بلدان العالم الأشد فقرا أصبحت في حالة مديونية حرجة، كما أعلنت بعض الدول عدم قدرتها على سداد التزاماتها، فضلا عن أن 80% قيمة ما تمثله مديونية الأسواق الناشئة، وأصبحت تمثل قيمة كبيرة من حجم الدين العالمي.

وفيما يتعلق بمعدل التضخم غير المسبوق الذي نشهده حاليا على مستوى العالم في الأسعار، أوضح رئيس الوزراء أن حجم التضخم العالمي وصل الآن إلى 9%، وهناك دول متقدمة تتمتع باقتصاد مستقر لم يكن التضخم بها يبلغ 1% أو 2%، لكن الآن نرى معدل التضخم يصل بها إلى 9%، مستعرضا خريطة توضح نسب التضخم في مختلف دول العالم، والتي توضح أن مصر في الفئة الواقعة ما بين 6 إلى 10 %، كما أن هناك دولا تجاوزت نسبة التضخم بها 25%، بل وصل إلى 50% و60% في دول أخرى.

وقال رئيس الوزراء : كل تلك المؤشرات نتج عنها ضغوط هائلة على مستوى الدول المتقدمة والنامية، وعلى النامية بصورة أكبر بالطبع، مستعرضا في هذا الإطار مقارنة لتوضيح تلك الضغوط تتمثل في مقارنة بين أسعار عدد من السلع الأساسية في مايو 2021 ومايو 2022، مركزا على القمح والبترول في هذه المقارنة؛ ففي مايو 2021 كان سعر القمح 270 دولارا للطن، ووصل في مايو 2022 إلى 435 دولارا، وبالنسبة لدولة مثل مصر تستورد ما يقرب من 10 ملايين طن، فبدلا من أن مصر كانت تدفع مقابل هذه الكمية المستوردة 2.7 مليار دولار أصبحت تدفع 4.4 مليار دولار لنفس الكمية، أما بالنسبة للبترول الذي تستورد مصر منه 100 مليون برميل فكان سعر البرميل في مايو 2021 يبلغ 67 دولارا، وكانت مصر تدفع مقابل ذلك 6.7 مليار دولار، وفي مايو 2022 أصبح سعر البرميل 112 دولارا، وبالتالي أصبحت مصر تدفع 11.2 مليار دولار لنفس الكمية.

ونبه رئيس الوزراء إلى أن كل ما حدث من تداعيات سلبية أجبر دولا كثيرة إلى الاتجاه نحو التشديد النقدي، وقد تابعنا القرارات التي اتخذها البنك الفيدرالي الأمريكي غير المسبوقة منذ 20 عاما، من حيث رفع معدلات الفائدة، وهو ما جعل دولا أخرى عديدة تحذو حذوه في رفع الفائدة لديها، وهذه الصورة توضح بشكل ملحوظ حجم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم صغيره وكبيره، ونستطيع القول بأنه لم يعد ممكنا لأي دولة أن تقول إنها ستغلق حدودها وتصبح في معزل عن العالم؛ فأي تأثير لأي أزمة عالمية يؤثر بلا شك في العالم أجمع، ولابد لنا جميعا أن نشعر بحجم التداعيات والتأثيرات الشديدة لهذه الأزمة، وبدأت كل مؤسسات التصنيف تخفيض تصنيف الدول، ولكن الحمد لله، برغم كل ذلك، ففي تقييم شهر ابريل الماضي، ابقت مؤسستا ستاندرد آند بورز، وفيتش، التصنيف الائتماني لمصر، فبعد المراجعة والتفاوض والنقاش مع الزملاء في المجموعة الاقتصادية، أصبح لديها اطمئنان بأن مصر مازالت قادرة على الصمود، وأنها ستعبر هذه الأزمة باذن الله.

وأكد رئيس الوزراء أن هذه الأزمة كان لها بلا شك تداعيات كبيرة، يجب أن يشعر بها المصريون جميعاً، حيث كنا نستورد 42% من احتياجاتنا من الحبوب من دولتي، روسيا وأوكرانيا، وكان 31% من عدد السياح الوافدين إلى مصر من هذين البلدين، وكل ذلك سيكون له تداعياته الكبيرة التي كان ينبغي أن تتسبب في اضطراب شديد لنا، كحكومة ودولة، في التعامل مع هذه التداعيات، ولكننا تحركنا على الفور وبدأنا في توفير أسواق بديلة للقمح، وكذلك أسواق بديلة للسياحة، ولم نستسلم لتلك التداعيات التي فرضتها الأزمة، وسعينا خلال أسابيع لأن نعوض هذه التداعيات التي حدثت.

وشدد "مدبولي" على ضرورة أن ندرك كمصريين أن تداعيات الحرب فرضت علينا أعباء مالية ضخمة جداً، حيث أصبح هناك 130 مليار جنيه، تم رصدها كتأثير مباشر، نتيجة لزيادة أسعار السلع الاستراتيجية، مثل القمح والبترول، وكذا أسعار الفائدة التي زادت، وذلك إلى جانب 335 مليارا أخرى كتأثيرات غير مباشرة، وقد أخذنا إجراءات حماية اجتماعية حيث تم تبكير موعد صرف زيادات المرتبات والمعاشات، وإجراءات أخرى كانت ستبدأ من أول يوليو، بدأت أول أبريل، وهي اجراءات تتحملها الدولة، وذلك من أجل تخفيف وطأة هذه الأزمة على المواطن المصري.

وأضاف رئيس الوزراء أنه كان لدينا بالطبع تحديات كبيرة جداً، حيث حدث نتيجة هذه الأزمة خروج لرؤوس الأموال الساخنة، واستثمارات كانت موجودة، ولكن الحمد لله نتيجة لجهد الدولة والقيادة السياسية، تحركنا لتعويض خروج هذه الأموال، موجهاً الشكر والتقدير في هذا الصدد إلى الأشقاء في الدول الخليجية التي وقفت بجانب مصر خلال الشهرين الماضيين، وضخت أرقاما معينة، بما مكننا من الحفاظ على الاستقرار النقدي للعملة الأجنبية في مصر.

وأضاف: لكن طبعاً هذا أدى إلى تحديات أخرى، حيث إن القطاع الخاص المصري، وكنتيجة لهذه الأزمة، لا يزال غير قادر على زيادة استثماراته، حيث أن ارتفاع فائدة الاقتراض قد فرضت علينا أعباء كبيرة جداً، إلى جانب مؤشرات الدين الخارجي التي شهدت زيادة نسبة قيمة من الدين الخارجي، كنتيجة لاضطرارنا من أجل الحفاظ على الاحتياطي الخاص بنا، ذلك فضلاً عن تراجع معدلات الاستثمارات الخارجية الأجنبية في العالم كله وليس مصر فقط، حيث يحدث بالسالب فلا يعكس مجرد تباطؤ بل خروج من الدول.

وأثار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، سؤالاً يتعلق بما تفعله الحكومة حالياً، وما ستفعله في الفترة المقبلة في مواجهة التحديات ؟ مؤكداً أن الحكومة ستعمل على تنفيذ تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افطار الاسرة المصرية، حيث ستتحرك الحكومة وفق خطة خلال الفترة القليلة القادمة، بمدى يصل إلى نهاية 2022، عبر عدة محاور تتضمن تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في النشاط الاقتصادي، ودعم وتوطين الصناعة الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي، والإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار، كل سنة، لمدة 4 سنوات، بإجمالي 40 مليار دولار، تتيحها الدولة لشراكة القطاع الخاص، وكذا الاعلان عن خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة خلال السنوات الـ 4 القادمة، وطرح رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية، من أجل تأدية دور كبير في الاقتصاد المصري، وأخيراً البعد الاجتماعي وكيفية الاستمرار في حماية محدودي الدخل.

وفيما يتعلق بمحور تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة جزء من المصريين، فهي ليست في جانب والشعب في جانب، وهذا نتاج كل الثورات التي حدثت خلال الفترة الأخيرة، لافتاً الى ان الحكومة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الشعب المصري، مشيراً الى انها تستمع دوماً الى المصريين، وما يقوله الخبراء، وما يقال عن أن الحكومة تزاحم القطاع الخاص، وانها لا تمنحه الفرصة لينمو، لافتاً الى اننا اذا تابعنا ما يحدث في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، سندرك لماذا اضطرت الدولة ان تدخل وتضخ استثمارات كبيرة في الفترة الماضية، حيث اوضح ان مصر اليوم تجاوز عدد سكانها الـ 103 ملايين نسمة، وهو حجم سكان يفرض علينا على الاقل اتاحة مليون فرصة عمل جديدة سنوياً.

وأضاف "مدبولي" أنه بالنظر الى الأرقام، فقد كانت قوة العمل في عام 2000 نحو 19 مليونا، وفي 2021 أصبحت 30 مليونا، فكل عام يدخل سوق العمل لدينا مليون شاب، يريد ان يعمل ولديه امل في الحياة ان يكون لديه فرصة عمل وتكوين أسرة، لافتا الى ان توقعاتنا لمصر حتى مع كل محاولاتنا واجتهادنا لضبط الزيادة السكانية، فإننا نأمل أن يكون عدد سكان مصر أقل من 120 مليوناً في 2030، وهذا الرقم يمثل عدد سكان 15 دولة أوروبية متقدمة ليس لدينا موازناتها وإمكاناتها، ويعادل عدد سكان 14 دولة عربية.

ولفت إلى أن القطاع الخاص المصري كان وما زال له دوره الواضح، مستعرضا إجمالي الاستثمارات التي كانت تضخ في شرايين الدولة، والمقسمة بين القطاعين الخاص والحكومي، والتي تشير الى أنه حتى عام 2015/2016 كان القطاع الخاص صاحب النسبة الغالبة في تلك الاستثمارات، وقبل عام 2010 كانت الدولة المصرية تمنح الفرصة بالكامل لهذا القطاع ليعمل أكثر، وكان دورها اقل قليلاً، وعندما قمنا بالإصلاح الاقتصادي في 2015/2016 كان له نتيجة، لذلك ففي العام التالي لهذا التاريخ قل نصيب القطاع الخاص قليلاً، وزاد نصيب الدولة، وخلال العامين التاليين عاد القطاع الخاص ينمو بالصورة الأكبر، ثم جاءت أزمة كورونا، وكانت شديدة القوة، ونتيجة لتلك الظروف، قلت استثمارات القطاع الخاص، فنحن في دولة تنمو وليست ثابتة، وتحتاج كل عام مليون فرصة عمل جديدة، ولو كانت الدولة لم تضخ استثمارات عامة، ولم تدخل بنفسها لتنفيذ مشروعات، كان سيكون البديل أننا لن نكون قادرين على خلق فرص العمل التي نحتاجها.

وتطرق رئيس الوزراء إلى وضع الاقتصاد المصري في عام 2013، موضحاً أن معدل البطالة كان قد وصل الى 13.2% ، كما انخفض معدل النمو الاقتصادي حينها إلى 2.2%، وانخفض صافي الاحتياطيات إلى 13.6% وكان عجز الموازنة في هذا التوقيت نحو 13%، وتراجع تصنيف مصر في المؤسسات الدولية 6 مرات في خلال عامين، مشيراً إلى أن مصر ومن أجل تعويض هذا الوضع بعد ثورة 30 يونيو 2013 وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كان لزاماً أن تضع الدولة خطة لكي تصحح هذا المسار، ومن هنا بدأنا برنامج الاصلاح الاقتصادي، ولكن كان الأهم لتعويض أحجام القطاع الخاص خلال الظروف الاستثنائية التي مرت بها مصر، وبعد ذلك الأزمات العالمية، فكان يجب على الدولة أن تتبنى فكرا لتحقيق تنمية حقيقية، وأن تضخ استثمارات حكومية وتنفذ مشروعات قومية، وتطلق برنامج الاصلاح الاقتصادي، موضحاً أن نصف الاستثمارات الحكومية خلال الفترة من 2014/2015 حتى 2020/2021 توجهت لمجالات البنية التحتية، والنقل، والتعليم، والصحة.

وأكد رئيس الوزراء أهمية دور المشروعات القومية، لافتاً إلى ما أثير وتابعته الحكومة مع حدوث الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، من زعم البعض ضرورة إبطاء وتيرة المشروعات القومية وأنها فرضت أعباء كبيرة، مؤكداً أن ثلث الاستثمارات العامة كانت موجهة لهذه المشروعات القومية، واستعرض أبرز المشروعات القومية التي نفذتها الدولة، لندرك أهميتها وهل كان بالإمكان الاستغناء عنها، وعلى رأسها الكهرباء، متسائلا: كيف كان وضع الكهرباء في مصر في عام 2014، والغاز الذي كانت تستورده مصر، ولولا الاستثمارات الهائلة في هذا القطاع لما كان لدينا الآن اكتفاء ذاتي وفائض للتصدير، ولولا ما تحقق، لكنا اضطررنا نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية لأن نستورد الغاز إلى جانب البترول، مع زيادة أسعار الغاز حالياً، فكيف كان بإمكاننا توفير عملة صعبة حينها لشراء احتياجاتنا من الغاز ؟

كما أشار رئيس الوزراء إلى مشروعات المياه والصرف الصحي التي مكنتنا من معالجة واعادة استخدام المياه للاستفادة بكل نقطة مياه نحتاجها حالياً، وكذا قطاع الاتصالات الذي شهد طفرة كبيرة جداً، مشيراً إلى أن وزير الاتصالات عرض أمام السيد الرئيس اليوم كيف أصبحت مصر الدولة رقم 1 أفريقياً في خدمة الانترنت، والتي ثبت عظم أهميتها في خضم أزمة كورونا التي جعلت العالم كله يتعامل من خلال المنظومة الافتراضية، إلى جانب مشروعات تطوير المناطق غير الآمنة والعشوائية، التي رفعنا بها مستوى معيشة مئات الآلاف من الأسر.

كما اشار مدبولي الى شبكة الطرق والنقل، مؤكداً أنه كخبير تخطيط عمراني قبل أن يكون رئيسا للوزراء، يدرك أنه لولاها لكانت شوارع مصر ستغدو عبارة عن "جراج"، ولم تكن لحركة السيارات أن تتجاوز سرعة 8 كيلو/ساعة، لافتاً إلى أن ذلك ما كانت تؤكده المؤسسات الدولية في هذا الخصوص، التي قالت في عام 2010 أن مصر في عام 2020 ستتحول الى جراجات، تشهد تكدس السيارات، ولذا فلولا هذه الطفرة الكبيرة التي جعلت مصر تقفز في هذا المجال، ولولا شبكة الطرق الحالية التي تحققت، ما كان بإمكان المواطن إذا استمر الوضع ان يتحرك من منزله الى عمله، مؤكداً أن كل هذه استثمارات الدولة المصرية التي تنفذها كمشروعات قومية.

كما تطرق رئيس الوزراء إلى مشروع حياة كريمة، مؤكداً انه مشروع عظيم، لم يكن للدولة أن تتأخر عنه، فهو مطلب أهالينا في الريف كله، وهذه المشروعات لا يمكن إبطاؤها حيث تلامس الاحتياجات الاساسية للمواطن المصري، للحاضر والمستقبل، وتناول مشروعات المدن الجديدة التي تنفذ، مشيراً إلى أن ما يثار بشأن أولويتها، حيث دعا رئيس الوزراء إلى الرجوع إلى مضبطة مجلس الشعب في بداية الثمانينيات، حيث استدعى أعضاء المجلس وزير الإسكان في هذا الوقت، الوزير المرحوم حسب الله الكفراوي، وسألوه عن جدوى أن تنفذ الحكومة مدن: العاشر من رمضان، و6 أكتوبر، والسادات، وبرج العرب، تلك المدن التي تستوعب الآن نحو 10 ملايين مواطن مصري، وبها كافة الصناعات، وتساءل رئيس الوزراء: لو لم تكن تلك المدن الجديدة قد نفذت، كيف كان سيكون شكل مصر ؟ كان الـ 10 ملايين مواطن الذين يقطنونها حالياً سيسكنون على الأراضي الزراعية، وما كنا امتلكنا الصناعات الموجودة في هذه المدن، فتلك المدن نبنيها لأبنائنا في الفترة القادمة، وهي التي تستوعب الزيادة السكانية، ولكن كل هذه المشروعات القومية ومع احتياجنا الكبير لها، خلقت أكثر من 5 ملايين فرصة عمل، ولولاها كيف كان سيكون مصير هؤلاء الشباب المصري الذي توافرت له فرص العمل بها ؟ كان من الظلم تحميل القطاع الخاص القدرة على توفير كل ذلك بنفسه وبتمويله، ودعونا نسأل: من ينفذ هذه المشروعات القومية، ؟ كلها شركات قطاع خاص، وهذه تجربة الدول الناشئة العملاقة التي حققت طفرة اقتصادية كبيرة، مثل دول شرق آسيا، والنمور الآسيوية، التي قامت في أوائل مراحل نموها بتنفيذ بنية أساسية واستثمارات عامة كبيرة، لتقليل الفجوة ثم تمكين القطاع الخاص في العمل.

موضوعات متعلقة